في أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية التي تعتمد على المتتبعات الشمسية أحادية الاتجاه (Single Axis-Tracker)، يتم تثبيت الألواح على هياكل متحركة تتيح لها التوجّه شرقاً وغرباً خلال اليوم لتتبع حركة الشمس، وبالتالي زيادة كمية الإشعاع الشمسي الساقط على سطح الألواح مقارنة بالأنظمة الثابتة.
لكن عند انخفاض ارتفاع الشمس في الأفق، أي في ساعات الصباح الباكر أو المساء المتأخر، يواجه النظام تحدياً يعرف بظاهرة التظليل المتبادل بين مصفوفات الألواح الكهروضوئية (Mutual Shading). في هذه الحالة، يمكن للصفوف الأمامية من الألواح أن تشكل الظلال على الأجزاء السفلية من الصفوف الخلفية إذا تم تتبع حركة الشمس بدقة تامة.
صورة توضيحية لآلية التتبع العكسي عند انخفاض زاوية الشمس. مصدر الصورة من SolarPro وPrecision Solar Technologies.
هذه الظلال تؤدي إلى انخفاض كبير في الطاقة المنتجة، لأن الألواح المظللة تفقد جزءاً كبيراً من إنتاجها، ولحل هذه المشكلة، يتم تفعيل ما يُعرف بـ خوارزمية التتبع العكسي (Backtracking)، حيث تتدخل هذه الخوارزمية عند بداية ظهور الظلال بين مصفوفات الألواح، فتقوم بإيقاف التتبع الدقيق لحركة الشمس، وتقوم بتقليل (عكس) زاوية المتتبع لتبقى عند حد آمن يمنع حدوث التظليل المتبادل بين المصفوفات.
على اليسار: بدون تتبع عكسي – ظلال متبادلة وخسائر كهربائية (باللون الأصفر) على اليمين: مع التتبع العكسي – لا توجد ظلال متبادلة، لكن التوجيه غير مثالي مصدر الصورة من موقع برنامج ال PVsyst.
آلية التتبع العكسي (Backtracking) تختلف حسب تصميم المشروع والمسافات بين الصفوف وطبيعة الأرض. ففي المواقع المسطحة، يمكن اعتماد خوارزمية موحدة لجميع الصفوف، أما في المواقع ذات التضاريس المتفاوتة، فيتم اللجوء إلى ما يسمى بـ خوارزميات التتبع الشمسي ثلاثية الأبعاد (3D Backtracking)، التي تأخذ بعين الاعتبار موقع كل صف في الإحداثيات الأفقية والعمودية، وتقوم بحساب زاوية الميل الأنسب لكل صف على حدة لتقليل الظلال.
اعتماد التتبع العكسي (Backtracking) في أنظمة التتبع الشمسي يساهم بشكل كبير في تحسين أداء النظام السنوي، خاصة في أشهر الشتاء حيث تكون زاوية سقوط الشمس منخفضة. وتُظهر المحاكاة أن تشغيل النظام مع التتبع العكسي (Backtracking) قد يقلل من الخسائر المرتبطة بالتظليل المتبادل بنسبة قد تصل إلى 5% أو أكثر حسب تصميم المشروع. بالتالي، فإن خوارزمية التتبع العكسي (Backtracking) تمثل خطوة ضرورية في ضمان الأداء الأمثل للأنظمة الشمسية المتتبعة، من خلال إيجاد توازن ذكي بين تتبع الشمس وتجنب الظلال، بما يعزز الإنتاجية ويقلل الخسائر.
تأثير خوارزمية التتبع العكسي على زاوية حركة المتتبع الشمسي
ولتوضيح الفرق في زوايا دوران المتتبعات الشمسية بين التتبع الدقيق (True-Tracking) وخوارزمية التتبع العكسي (Backtracking)، يُعرض في الأسفل مخطط توضيحي. يبين هذا المخطط مثال لزوايا حركة المتتبع الشمسي بزاوية قصوى للدوران (Phi max) ±45 درجة في كل اتجاه، وهو ما يفسر ظهور الخطوط بشكل أفقي عند الزاويتين -45 و+45 درجة.
هل كل تقنيات الخلايا تحتاج إلى التتبع العكسي؟
في الأنظمة التي تستخدم ألواح السيليكون البلّورية (Crystalline Silicon)، يُعد تأثير الظلال على الأداء الكهربائي غير خطي. فعلى سبيل المثال، قد يتسبب تظليل 10% فقط من سطح اللوح في خسارة إنتاجية قد تصل إلى 70% أو أكثر، نتيجة لتأثير التظليل على سلاسل الخلايا المرتبطة على التوالي داخل اللوح. على عكس ذلك، فإن الألواح الشمسية بتقنية الغشاء الرقيق (Thin-Film) تُظهر استجابة خطية تقريباً، حيث يؤدي تظليل 10% من المساحة إلى خسارة طاقة تقارب 10% فقط، مما يجعلها أقل حساسية للظلال.
وبناءً على ذلك، تُعد خوارزمية التتبع العكسي “Backtracking” ضرورة أساسية عند استخدام ألواح السيليكون البلّوري لتجنّب التظليل المتبادل بين الصفوف، في حين تُعتبر هذه الخوارزمية اختيارية أو أقل أهمية في الأنظمة التي تستخدم الألواح ذات الغشاء الرقيق.