المتتبعات الشمسية الإنتاجية الإضافية والجدوى الاقتصادية

مقدمة

  يهدف مطوري مشاريع الطاقة الشمسية الكهروضوئية من خلال استخدام المتتبعات الشمسية زيادة إنتاجية النظام الشمسي الكهروضوئي وخفض التكلفة المستوية للطاقة (Levelized Cost of Energy)، وذلك من خلال تتبع مسار حركة الشمس لزيادة كمية الإشعاع الشمسي الساقط على الألواح في المشروع.

ويمكن تنصيف المتتبعات الشمسية من ناحية الحركة بتصنيفين أساسيين وهما المتتبعات الشمسية باتجاه واحد (Single Axis Solar Trackers) والمتتبعات الشمسية باتجاهين (Dual Axis Solar Trackers)، وكما توضح الأسماء فإن النوع الأول من المتتبعات يتتبع مسار حركة الشمس باتجاه واحد أما النوع الثاني فيتتبع مسار حركة الشمس باتجاهين.

صورة (1): هذه الصورة توضح نوعي المتتبعات الشمسية، باتجاه واحد وباتجاهين.

 

المتتبعات الشمسية باتجاه واحد (Single Axis Solar Tracker)

المتتبعات الشمسية باتجاه واحد لديها محور واحد للحركة، وبالتالي فإنها تستطيع تتبع مسار حركة الشمس من خلال تحريك هذا المحور. ويوجد هناك بشكل أساسي ثلاثة أنواع من المتتبعات الشمسية باتجاه واحد وهي:

  1. المتتبعات الشمسية الأفقية باتجاه واحد Horizontal Single-Axis Solar Tracker (HSAT).
  2. المتتبعات الشمسية العمودية باتجاه واحد Vertical Single-Axis Solar Tracker (VSAT).
  3. المتتبعات الشمسية الأفقية المائلة باتجاه واحد Horizontal Tilted Single-Axis Solar Tracker (HTSAT).

 

النوع الأول هو أكثر الأنواع انتشاراً واستخداماً، حيث تتحرك الألواح من الشرق للغرب لتتبع مسار حركة الشمس، وذلك من خلال دوران المحور الذي يتم تركيبه بشكل موازي للأرض باتجاه شمال جنوب . وقد تصل الإنتاجية الإضافية من هذا النوع من المتتبعات إلى 25%

صورة (2): رسم توضيحي لحركة المتتبعات الشمسية الأفقية باتجاه واحد
صورة (3): المتتبعات الشمسية الأفقية باتجاه واحد

في النوع الثاني يكون محور الدوران عمودي بالنسبة للأرض، وغالباً ما يتم استخدام هذا النوع من التركيبات في المواقع البعيدة عن خط الاستواء، أي المناطق ذات خطوط العرض المترفعة. وكون هذا النوع من المتتبعات يعتمد على محور عمودي بالنسبة للأرض، فإنه يحتاج إلى مساحات أكبر لتفادي الظلال ما بين المتتبعات.

صورة (4): رسم توضيحي للمتتبعات الشمسية العمودية باتجاه واحد Vertical Single-Axis Solar Tracker (VSAT).

 

أما بالنسبة للمتتبعات الشمسية الأفقية المائلة باتجاه واحد Horizontal Tilted Single-Axis Solar Tracker (HTSAT) فيكون محور الدوران مائلاً بزاوية عن الأرض كما توضح الصور أدناه. وهذا النوع من المتتبعات أكثر تعقيداً وكلفة من المتتبعات الشمسية الأفقية باتجاه واحد Horizontal Single-Axis Solar Tracker (HSAT).

صورة (5): رسم توضيحي للمتتبعات الشمسية الأفقية المائلة باتجاه واحد Horizontal Tilted Single-Axis Solar Tracker (HTSAT).
صورة (6): المتتبعات الشمسية الأفقية المائلة باتجاه واحد Horizontal Tilted Single-Axis Solar Tracker (HTSAT).

المتتبعات الشمسية باتجاهين (Dual Axis Solar Trackers)

كما وضحنا في مقدمة هذا المقال، فإن المتتبعات الشمسية باتجاهين وكما يوضح الاسم لديها محورين للحركة والدوران وتتبع مسار حركة الشمس باتجاهين، مما يجعل الأشعة الساقطة على الألواح عمودية تماماً على الألواح طوال الوقت.

ما سبق يعني أن هذا النوع من المتتبعات يحقق أعلى إنتاجية كهربائية مقارنة مع الهياكل المعدنية الثابتة أو المتتبعات الشمسية باتجاه واحد، حيث إن الإنتاجية الإضافية الناتجة عن استخدام الهياكل المعدنية المتحركة باتجاهين قد تصل إلى 45%.

ولكن بسبب الارتفاع الكبير في كلفة هذا النوع من الهياكل، بالإضافة إلى حاجته إلى مساحات أكبر من المساحات التي تحتاجها المتتبعات الشمسية باتجاه واحد فإن هذا النوع من الهياكل غير شائع الاستخدام.

 

فيديو (1): الفيديو أعلاه يوضح طريقة حركة المتتبعات الشمسية باتجاهين (Dual Axis Solar Trackers)

المتتبعات الشمسية والإنتاجية الكهربائية:

    كون المتتبعات الشمسية تعمل تتبع مسار حركة الشمس فإنها تعتمد على الإشعاع الشمسي المباشر (DNI وكل ما كانت نسبة الإشعاع الشمسي المباشر (Direct Normal Irradiation: DNI) بالنسبة للإشعاع الشمسي الأفقي المشتت (Diffuse Horizontal Irradiation: DHI) أعلى كلما ازدادت كمية الطاقة الإضافية التي نحصل عليها عند استخدام المتتبعات الشمسية مقارنة مع استخدام الهياكل المعدنية الثابتة.

كذلك الأمر كلما كان موقع المشروع أقرب لخط الاستواء كلما ازدادت الإنتاجية الإضافية الناتجة عن استخدام المتتبعات الشمسية الأفقية باتجاه واحد Horizontal Single-Axis Solar Tracker (HSAT) مقارنة مع استخدام الهياكل المغدنية الثابتة.

صورة (7): منحنى إنتاجية مشروع بهياكل ثابتة مقارنة مع إنتاجيته في حال استخدام المتتبعات الشمسية. مصدر الصورة: Future Mechatronic Systems.

كما ذكرنا سابقاً في بداية المقال، فإن المتتبعات الشمسية باتجاه واحد يمكنها زيادة الإنتاجية الكهربائية بنسب قد تصل إلى 25% في حين أن المتتبعات الشمسية باتجاهين يمكنها زيادة الإنتاجية الكهربائية بنسبة قد تصل إلى 45%، وينتج عن هذه الإنتاجية الإضافية منحنى إنتاجية أكثر سلاسة مقارنة مع إنتاجية المشاريع التي تستخدم الهياكل المعدنية الثابتة كما يوضح الرسم البياني أدناه.

 

هل تحتاج المتتبعات الشمسية مساحات كبيرة؟

    كما وضحنا في الجزء المتعلق بالمتتبعات الشمسية باتجاهين والمتتبعات الشمسية باتجاه واحد فإن هذا النوع من الهياكل يتطلب مساحات أكبر من المساحة التي تحتاجها الهياكل المعدنية الثابتة (Fixed Mounting Structure).

    نسبة استغلال الأرض (Ground Coverage Ratio: GCR) للهياكل المعدنية الثابتة تتراوح ما بين 0.45 و 0.6 وذلك حسب زاوية الميلان المستخدمة، بينما للمتببعات الشمسية الأفقية باتجاه واحد فإن نسبة استغلال الأرض تتراوح ما بين 0.25~0.35، في حين أن هذه النسبة للمتتبعات الشمسية باتجاهين تنخفض إلى 0.2.

وللتوضيح أكثر بالاعتماد على النسب أعلاه، فإنه في حالة استخدام ألواح شمسية كهروضوئية بكفاءة تصل إلى 21%، فإن كل 1 ميجا واط ذروة تحتاج من 8 إلى 11 دونم من المساحة في حالة استخدام الهياكل المعدنية الثابتة، ومن 14 دونم إلى 19 دونم للهياكل المعدنية المتحركة باتجاه واحد و24 دونم للهياكل المعدنية المتحركة باتجاهين.

 

الجدوى الاقتصادية للمتتبعات الشمسية

من الناحية الاقتصادية إن المتتبعات الشمسية تعمل على رفع كلف النفقات الرأسمالية (Capital Expenditures: CAPEX) وذلك بسبب الكلف الإضافية للمتتبعات الشمسية، وزيادة كلفة الأرض كون المتتبعات الشمسية تحتاج إلى مساحات أكبر بالإضافة إلى ارتفاع كلف عمليات التركيب مقارنة مع الهياكل المعدنية الثابتة.

كذلك الأمر بالنسبة للنفقات التشغيلية (Operating Expenditures) فعند استخدام المتتبعات الشمسية سوف ترتفع كلف هذه النفقات بسبب وجود مكونات إضافية متحركة في المشروع.

لذلك لا يمكن القول أن استخدام المتتبعات الشمسية مجدي اقتصادياً أو غير مجدي بصيغة عامة. كون الجدوى الاقتصادية تعتمد على موقع تركيب المشروع، وكلفة الأرض وغيرها من الكلف الإضافية التي يجب عكسها على معادلة التكلفة المستوية للطاقة لتحديد ما إذا كانت سوف تنخفض أو ترتفع بعد استخدام المتتبعات الشمسية.

 

الحصة السوقية للمتتبعات الشمسية

 

حسب الإصدار الحادي عشر لخارطة الطريق الدولية لتكنولوجيا الطاقة الكهروضوئية (International Technology Roadmap for Photovoltaic) الصادر في شهر 4 من عام 2020، فإن الحصة السوقية للمتتبعات الشمسية باتجاه واحد (Single Axis Tracker) سوف ترتفع من 30% عام 2020 إلى 40% في عام 2030، فيما سوف تبقى الحصة السوقية للمتتبعات الشمسية باتجاهين ضئيلة بنسبة لا تتجاوز 1%.

وللتأكيد الحصص السوقية التي ذكرناها أعلاه للمتتبعات الشمسية هي لمشاريع الطاقة الشمسية التي تستخدم تقنية السيليكون البلوري (c-Si) والتي لها الحصة السوقية الأعظم في مجال الطاقة الشمسية الكهروضوئية.

صورة (8): الحصة السوقية للمتتبعات الشمسية.

هل يمكن استخدام المتتبعات الشمسية في جميع المشاريع؟

    بالرغم من فوائد استخدام المتتبعات الشمسية ومساهمتها في خفض التكلفة المستوية للطاقة (Levelized Cost of Energy فإنها لا يمكن استخدامها في كل تطبيقات مشاريع الطاقة الشمسية الكهروضوئية.

ففي حال توافر مساحات محدودة قد يكون من الأفضل استخدام الهياكل المعدنية الثابتة وذلك لزيادة قدرة المشروع مقارنة مع استخدام المتتبعات الشمسية. كذلك الأمر في حال كانت أرض المشروع غير منتظمة الشكل أو في حال كانت ذات تضاريس متموجة بشكل لا يمكن فيه تسويتها.

بالإضافة إلى المحددات أعلاه، فإنه لا يفضل أيضاً استخدام المتتبعات الشمسية في المشاريع التي سوف يتم تنفيذها في مواقع قد تتعرض فيها إلى سرعات رياح شديدة بشكل مستمر أو المناطق التي قد تتعرض للأعاصير.

 

عن نضال نصار

Avatar photo

مهندس طاقة كهربائية مختص في مجال الطاقة الشمسية والطاقة المتجددة.
* حاصل على جائزة أفضل مهندس طاقة شاب عن منطقة الشرق الأوسط لعام 2020 من منظمة مهندسي الطاقة العالمية.
* حاصل على شهادة مدير طاقة معتمد (Certified Energy Manager).
* حاصل على شهادة مطور معتمد لمشاريع الطاقة الشمسية من أكاديمية RENAC الألمانية.

شاهد أيضاً

منحنى البطة وتأثير مشاريع الطاقة المتجددة على الشبكة الكهربائية

تعتبر الطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح من مصادر الطاقة المتجددة الأكثر نمواً والتي يتم استخدامها …

error: Content is protected !!