الصين ترد على اتهامات واشنطن بـ “القدرة المفرطة”: حرب تجارية خضراء في الأفق بينما العالم بحاجة إلى المزيد من الطاقة النظيفة

تناولت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين خلال زيارتها الأخيرة إلى الصين مسألة “القدرة المفرطة” للصين في الصناعات الخضراء، مبدية قلق الولايات المتحدة من هيمنة الصين المحتملة على هذه القطاعات.

 

قبل الزيارة، ضجت وسائل الإعلام الغربية بتقارير عن “القدرة الإنتاجية الصينية المفرطة” في مجالات مثل الألواح الشمسية والسيارات الكهربائية، مشيرة إلى خطر إغراق الأسواق العالمية بمنتجات صينية رخيصة.

 

لكن هذه المخاوف الأمريكية تفتقر إلى أساس متين وتُعتبر مضللة، وتعكس عقلية المكسب والخسارة التي يتحلى بها بعض صانعي السياسات في واشنطن.

 

في ظل تقدم الصين المتسارع في مجال التكنولوجيا الفائقة، تعالت أصوات القلق في واشنطن خوفًا من فقدان الولايات المتحدة لتفوقها التكنولوجي العالمي. ونتيجة لذلك، تبنت واشنطن استراتيجية “فناء صغير، سياج عال” تهدف إلى حماية مصالحها، شملت فرض عقوبات على شركات أشباه الموصلات الصينية وإدراج شركات تكنولوجيا صينية أخرى على قائمتها السوداء بذريعة الأمن القومي.

 

وتُظهر اتهامات “القدرة المفرطة” للصين ازدواجية معايير الولايات المتحدة في ممارسة مبادئ اقتصاد السوق والتجارة الحرة والتقسيم العالمي للعمل. فبينما تُدافع واشنطن عن هذه المبادئ منذ قرون، وتُروّج لها على الساحة الدولية، إلا أنها تتخلى عنها بسهولة عندما تواجه الشركات الأمريكية منافسة قوية.

 

فعندما تتمتع الصناعات الأمريكية بمكانة متميزة في السوق العالمية، تُشدد واشنطن على أهمية حرية التجارة وقدرة السوق على تنظيم نفسه. لكن عندما تواجه هذه الصناعات منافسة صينية قوية، تلجأ واشنطن إلى الحماية التجارية وتُغفل مبادئها المُعلنة.

     روبوتات تلحم هياكل سيارات في ورشة لشركة لي لتصنيع السيارات الكهربائية الصينية في مدينة تشانغتشو بمقاطعة جيانغسو شرقي الصين يوم 10 يناير 2024. (شينخوا)

 

وبدلا من انتقاد التطور السريع للصناعات الخضراء في الصين، ينبغي على الولايات المتحدة أن تحول تركيزها إلى تعزيز صناعاتها. وفي هذا الصدد، أشارت وكالة بلومبرغ إلى أن جوهر القضية بالنسبة للاقتصادات المتقدمة، بما في ذلك الولايات المتحدة، يكمن في كفاءة وتنافسية شركات صناعة السيارات الكهربائية الصينية، بما في ذلك براعتها التكنولوجية والبنية التحتية الحديثة للنقل.

 

في الواقع، على عكس “مشكلة القدرة المفرطة” المزعومة، يُواجه قطاع الطاقة النظيفة تحديًا هائلاً في تلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة المتجددة، خاصةً في ظلّ المخاوف المتعلقة بتغير المناخ والجهود المبذولة للتحول نحو طاقة أنظف.

 

وفي نهاية عام 2023، حذرت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة من أنه لتحقيق أهداف اتفاقية باريس، يجب أن تنمو قدرة الطاقة المتجددة العالمية بمعدل 1000 جيجا واط سنويًا حتى عام 2030.

 

على الرغم من بلوغ رقم قياسي في مشاريع الطاقة المتجددة في عام 2023، إلا أنّ العالم ما زال بعيدًا عن تحقيق أهدافه المناخية. فوفقًا لتقرير وكالة الطاقة الدولية للطاقة المتجددة لعام 2023، لم يتم سوى إضافة 507 جيجا واط من الطاقة المتجددة في ذلك العام، وهو نصف ما هو مطلوب للحفاظ على هدف الحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية.

 

يُشير التقرير إلى أنّ أحد أكبر التحديات التي تواجه انتقال العالم إلى الطاقة المتجددة هو نقص التمويل في البلدان النامية. حيث يمكن أن تكون تكلفة رأس المال في أسواق الطاقة المتجددة الناضجة أعلى بمرتين إلى ثلاث مرات من تلك الموجودة في البلدان النامية. ويعود ذلك جزئيًا إلى هيمنة النظام المالي الغربي، الذي يُعطي الأولوية للمكاسب المالية على حساب الحق في التنمية.

 

بدلا من تأجيج “فوبيا الصين” لإبطاء نمو الصين، ينبغي على الولايات المتحدة التركيز على تعزيز قدراتها التكنولوجية وبنيتها التحتية للطاقة النظيفة. يتطلب ذلك التزامًا قويًا بمبادئ السوق الحرة التي تدعي الولايات المتحدة أنها تدعمها، مع ضمان توفير فرص متساوية للبلدان النامية للمشاركة في التحول إلى الطاقة النظيفة.

 

إن الصين والولايات المتحدة لديهما مصالح مشتركة كثيرة. ويكمن موقف الصين في ضرورة مساعدة الجانبين لبعضهما البعض بدلا من عرقلة تنمية بعضهما البعض، سواء في المجالات التقليدية مثل التجارة والزراعة، أو في المجالات الناشئة مثل تغير المناخ والذكاء الاصطناعي.

 

وقبل أن تغادر إلى واشنطن بعد ختام زيارتها للصين، كررت يلين تعهد واشنطن بعدم السعي للانفصال عن الصين. لكن رفض “الانفصال” شفهيا وحده لا يكفي لخلق علاقة اقتصادية سليمة بين أكبر اقتصادين في العالم، فالأمر يحتاج إلى تعاون مربح للجانبين فعلا وليس قولا.

 

 

المصدر: وكالة أنباء “شينخوا”

شاهد أيضاً

شركة البوتاس العربية تنطلق نحو الطاقة النظيفة بمشاريع متجددة بقدرة 36 ميجا واط

     قرر مجلس الوزراء، خلال جلسته التي عقدها اليوم برئاسة رئيس الوزراء الدكتور جعفر …

error: Content is protected !!